الإنشقاقات الأخلاقية
يتم هذا العرض الموجز للأخلاق القديمة بذكر الصوفية الأخلاقية الإسكندرانية (نسبه إلى الإسكندرية ) التي لم ينقصها في الواقع إلا "التنظيم الكهنوتي" كيما تشكل دينا اصيلا ( واستخدمت من قِبل جوليان المرتد مثلا لمحاربة انتشار المسيحية ) , بيد أن العرض لا يكتمل بذلك اذ ينقصه الأبيقورية أولا , وهي مذهب موغل في الصوفية دون ريب ولكن انكاره لكل ماهو "علوي" يحتم اعتباره ضمن المذاهب الطبيعية , وينقص اذن بالتذكير البسيط بالموقف "الكلبي" المستند إلى تبرير للجهد وللزهد ’ لكن المفارقات التي غالى بها انصار هذا الموقف ( ديوجين الشهير حوالي 350ق. م ) حين اعتبروا احتقار الثراء مثلا كدعوة للتسول احاطته بسمعة مزيفة على انه "لا اخلاقية". ولنذكر ايضا موقف "السفسطائيين" المعاصرين لسقراط الذى يعتقدون بوجود عقل في الكون دون ريب , لكنه عقل ذو قاعدة وحيدة هي سيطرة القوي على الضعيف , فليست "الأخلاق" التقليدية بالتالي ( وكذلك كل مؤسسة انسانية اخرى ) سوى اتفاق وضعي يهدف إلى منفعة هي الحفاظ على التوازن الإجتماعي . وهناك النظرة الشكاكة التي استنها "بيرون" (حوالي 300 ق .م) منطلقا من مفهوم اعتبار الكون "وهما" مستغلقا على العقل , فإستنتج مثلا اعلى يقوم على اللا انفعال واللامبالاة بالأهواء والرغبات . وكل هذه نظرات ليست "علوية" بالمعنى الصحيح ولكنها تستند على أي حال إلى "قبليات" عقلانية اكثر من استنادها إلى دراسة علمية وتجريبية للطبيعة .