الكون المتحرك

من كتب

قوانين الطبيعة ثابتة ومن خلالها نجد الكون يتسارع إلا أنه لم يصل في سرعته سرعة الضوء التي تعتبر السرعة الحرجة بالكون . لأي مادة أو عنصر لو سار و لو بلغت سرعته سرعة الضوء فإنه يتحول إلي طاقة . لهذا سرعة الضوء تعتبر السرعة الحرجة التي لو بلغها الكون في تمدده وتسارعه فإنه سيختفي ويصبح كونا مظلما ويتحول لطاقة . لهذا لايمكنه بلوغ هذه السرعة ولاسيما وأنه متحيز داخل منظومة الكون الأعظم. كوننا كون متحرك داخل منظومة مجرة تضم أكوانا أخري قد تصل لبلايين الأكوان . وهذه المجرة يمكن أن تكون واحدة من بلايين المجرات الأكوانية في منظومة الكون الأعظم . فلو وقفنا فوق كوننا لنري الكون الأعظم . فلن نري منه سوي أقرب مجراته في سماء كوننا حيث تتواري بقية المجرات الكونية العظمي فبعد عمر مديد قد يصل بلايين السنين قد نصعد فيه لسطح كوننا لنري أقرب الأكوان إلينا داخل مجرتنا الكونية . ويمكن أن نري الأكوان الأخري كنقط مضيئة أشبه بالنجوم التي نراها في سمائنا من فوق الأرض تضيء سماء كوننا . فإذا كنا لانعرف تحديد مكاننا بكوننا المترامي فما بال كوننا وسط أكوان متعددة ومترامية ومتباعدة في كل إتجاه حوله.فإذا كنا نري في كوننا برؤية ضبابية فما بال رؤيتنا فيما وراءه . فلاشك ستكون رؤية سوداوية .فالمقاييس فيه نجدها فوق الأرض بآلاف الكيلومترات الطولية وفي منظومتنا الشمسية بملايين الكيلومترات الطولية وداخل الكون نجدها ببلايين السنين الضوئية. أما خارج الكون فسنجدها تريليونات السنين الضوئية أو التيكونية (التيكون جسيم أسرع من الضوء). فكوننا كون متحرك في الفضاء الكوني الشامل .وإحتمال وجوده كجزء من تجمع أكواني وارد . وقد يكون ضمن مجموعة أكوان متوازية كما يقول العالم الفيزيائي (دافيد دوم هل نحن علي حافته أو داخله ؟.). فإذا كنا لانستطيع تحديد مكاننا بكوننا بالضبط. فما بال كوننا داخل منظومة الكون الأعظم ؟ .فلوكانت سماء هذا الكون الأعظم تضم مجرات بها أكوان بالبلايين أشبه بمجراتنا التي تضم بلايين النجوم وكوننا داخل مجرة منها فهذا سيعطينا بعدا منظورا مخالفا لما لوكان الكون الأعظم في منظومة أشبه بمنظومة الشمس وكوننا يدور حوله بداخلها . وفي هذه الحالة يمكن تصورالكون الأعظم فيزيائيا فلو كان منظومة كونية كبري حيث الأكوان تدور في أفلاكها من حوله , فبهذا سيكون كتابا مفتوحا فيه هيئته لننظر إليها كما ننظر للمجموعة الشمسية حاليا . لكن لو كان كوننا أحد بلايين أو ملايين الأكوان ضمن مجرة كونية من بين بلايين المجرات الكونية بالكون الأعظم . فإننا سندخل في متاهة لانهاية لها . لأننا لن نري ماوراء مجرة كوننا أو حتي ماوراء الكون المجاور لكوننا ولاسيما وأن هذه الأكوان أو المجرات لاتسطع ضوءا . لأن الضوء مترجم للغة الكون وهو لغته الأولي . .فلقد شهد القرن العشرون ثورتين في علوم الفيزياء الكونية هما نظريةالنسبيةالتي أحدثت تعديلات جوهرية في مفهومنا للفضاء والزمان والمكان بالكون لأن رؤيتنا تتمحور حول خصائص الزمان والمكان به. فلاينظر إليها بمعزل عن بعضهما ونظرية الكمومية (الكم)التي تبناها ماكس بلانك وآخرون حيث رسموا صورة جديدة بل غريبة لمعالم الكون وخصائصه الدقيقة وهذه الصورة أكثر عمقا عن ذي قبل وأكثر مما جاءت به نظرية النسبية التي وصفت الطبيعة الكونية. لهذا عرفت بنظرية الكم . فلقد كانت نظرية النسبية مقبولة لتعبر عن وحدة المكان والزمان والجاذبية الكونية التي أعتبرت طاقة . لكن الجاذبية في الحقيقة تقوم بتشكيل الكون وهندسته في الزمكان . مما جعل إينشتين يقول : أن الكون لايوجد به مكان بمعزل عن الجاذبية الكونية . لأننا عندما نبتعد عن الأرض سنتحرر من جاذبيتها لندخل في جاذبية الشمس . ولو تحررنا منها سندخل في جاذبية المجرة التي بها الشمس وهذه الكيفية عرفت بمبدأ التعادل ( Principle of equivalence ). ولو تحرر جسم متحرك من الجاذبية . فإن قوة إندفاعه ستتسارع في سرعته . لأن أي جسم فوق الأرض يصبح مستقرا بفعل جاذبينها . فماذا لو كان الكون أو أي جرم فيه بلا جاذبية ؟. والعلماء أمكنهم قياس سرعة المجرة إلا أن هذا القياس ليس مؤشرا أو قياسا لسرعة تمدد الكون في هذه المسافة . لأن كل مجرة لها شدة جاذبيتها الخاصة الذاتية حسب كثافة المادة بها وحسب حجمها . لأن السرعات تتغير عندما تسحب المجرات الكبيرة اليها المجرات الصغيرة نحوها . و كوننا تصوره بعض العلماء إما كونا منغلقا أو كونا مفتوحا . وهذا التصور يمكن أن نطبقه علي الكون الأعظم بمجراته التي تضم الأكوان ومن بينها كوننا . لهذا يمكن تصور هذا الكون الأعظم كونا متحركا داخل تحيزه سواء أكان كونا مفتوحا أو منغلقا . فلقد إعتبر العالم الفيزيائي فريدمان معادلات إينشتين بالنظرية النسبية العامة تنطبق علي كون متحرك . لأنه ومعظم العلماءالآخرين يعتقدون أن الكون كان ساكنا . لكن فريدمان كان له تصور آخر . وهو أن الكون عندما نراه علي نطاق كبير وواسع يبدو متماثلا في كل إتجاه وكل مكان به . وهذا ما أطلق عليه الثابت الكوني (Cosmological constant ). واعتبر فريدمان أن كونه قد بدأ بالإنفجار الكبير ثم أخذ يتمدد لبلايين السنين وظل علي حالته حتي الآن وأضاف قائلا : إلا أنه بعد فترة زمن كافية فإن قوة شدة الجاذبية في كل المادة بالكون سوف تبطيء تمدده حتي يتوقف لينطوي علي ذاته ليقوم بالتراجع العكسي فيما بعد أشبه بإعادة شريط فيديو . والمادة في تراجع الكون وإنكماشه سوف تتقلص إلي مرحلة أطلق عليها (التفرد)( Singularity ) وأطلق علي هذه الحالة الإنسحاق الكبير (Big crunch ). وكان فريدمان قد تبني نظرية الكون المنغلق .لأن حجم الكون محدود. فمعدل تمدد الكون يتوقع أن يتباطيء بفعل سحب الجاذبية المتبادلة بين مادة الكون . لكن الفضاء به كمية المادة بالضبط التي تجعله في توازن مع شدة الجاذبية مما يجعله يتمدد للأبد أو يتقلص علي ذاته .لأن الكون به مادة مضيئة ظاهرية تقدر تخيلا بحوالي 10%من كتلته وبقية المادة مخفية داخل هيئته. وهذه المادة التي يطلق عليها المادة المظلمة لها قوة جاذبية هائلة تؤثر إيجابيا علي دوران المجرات . والإحنمال الثاني هو في حالة الكون المفتوح فإنه لايوجد به مادة كافية لتوصل تمدد الكون إلي حالة التوقف . لأن الجاذبية المتبادلة بين المجرات ستكون ضعيفة مما يجعل عناقيدها تنفرط وتنفصل المجرات عن بعضها وهذه العملية ستكون بطيئة نسبيا . لكن الزمن سيمر خلالها . وتنتهي إلي أن النجوم ستتواري ويصبح الكون مظلما وباردا . و الإحتمال الثالث ظهور الكون المسطح وهو كون مرحلي بين حالتي الكون المتمدد والكون المنغلق لكن هذا الكون لايظهر إلا في حالة الإنضغاط الكبير للكون علي ذاته مما يجعله يتمدد أفقيا ويظل ينضغط في إستطالة .لكن فكرة الكون المسطح تتعارض مع منطقية نظرية الإنتفاخ الكوني الذي يؤدي إلي ثبات تمدد الكون ككرة لأن التسطيح لايتأتي إلا من خلال قوة ضاغطة خارجية للشيء أشبه بعملية كبس بقوة لكل للفضاء و مادة الكون من فوق وأسفل. لكن تسطيحه يعتمد علي المادة المنضغطة فيه وشدة ضغطها الذي سيكون قوة مضادة للجاذبية بداخله . لهذا لايمكن الوصول لهيئة الكون المسطح في حالة الإنتفاخ الكوني . ولكن يمكن الوصول إلي كون شبه مسطح لو بلغ حالة قصوي من التمدد في إتجاه واحد أو إتجاهين متضادين وقد يتمدد كوحدة كلية متماسكة للأبد وإلي مالانهاية وسيكون فيه الفضاءالداخلي به متحيزا وثابتا بل ومحدودا. والكون المسطح أو المنبسط لايمكن أن نقول أنه كوننا المعاصر وإلا أسقطنا نظرية إينشتين حول تقوس الكون . لكن سمة تقوسه في كل إتجاهاته كما تخيله إينشتين رياضيا لايمكن أن يكون في كون مسطح ولكنه في كون كروي .كما أن تمدد الكون لايمكن إدراكه ونحن قابعون داخل الكون ولايمكن رؤيته في كل إتجاه به لأننا لا انري الكون أصلا لأن بقيته متوارية خلف مجرتنا التي لانري بالسماء سواها بل جزءا منها . ولرؤية تمدده بوضوح يتطلب الخروج للفضاء الخارجي حوله لنراه من فوق كصورة شاملة تبين تمدده أو تكوره أو إنبساطه أو إنكماشه. لأن تمدد مجرتنا ليس قرينة علي تمدد الكون ولكنها قد تكون مجرة متحركة مع المجرات الأخري أشبه بدوران الإلكترونات في مدارها حول الذرة ولو صح هذا التصور . فهذا معناه أن الكون كروي تدور فيه المجرات منفردة او ككتلة واحدة حول مركز ثابت . لأن الكون لو كان يدور ككتلة واحدة تضم المجرات .فلن نشعر بدورانها أشبه بالشخص الذي يسير في قطار فلايشعر بسيره إلا لونظر من نافذته فيشعر أنه واقف رغم أن القطار متحرك للأمام ويري وهما الصور تتحرك من الأمام للخلف .وقد يكون لوجودنا فوق الأرض التي تدور حول ذاتها قد بدت مجرتنا أنها تسير عكس إتجاه الأرض وأن الأرض لاتتحرك . وبهذا بدا العالم من حولنا يسير أشبه بصورته لو كنا نركب قطارا وننظر من نافذته .ومانراه حقيقة من فوق أرضنا هو جزءا من مجرتنا المواجه لنا . لأننا لانستطيع أن نري بقيتها أو ماوراءها لأن النجوم والمادة المظلمة فيها تحجبان عنا رؤية المجرة علي هيئتها الكاملة . فرؤيتنا للكون مهما بلغ مداها رؤية مبتورة وجزئية غير شاملة أو كاملة .لأننا نعتمد في رؤيتنا للكون علي الضوء المنبعث منه وما يصلنا من فيوضاته . ولو كانت مجرتنا تتمدد بفعل قوة ضاغطة عليها لهذا فإنها ستتمدد للأمام أو للأمام والخلف معا أي يتمدد في الإتجاهين المتضادين مما يولد قوة شد جذبي داخلية مما سيجعلها مجرة منضغطة تتجه للتسطيح ويقل حجمها وتزيد كثافتهاوهذا التمدد قد يجعل النجوم ترتب نفسها في صف واحد داخل حيز مستطيل مدمج أو تتصادم مع بعضها فيحدث تفجيرات إنشطارية أو إندماجية . فإذا كان هذا التصور في مجرة واحدة . فما بالنا في بلآيين المجرات التي تضم بلايين النجوم داخل كوننا . فهذه الإحتمالات واردة تصورا حول مستقبل كونناوبالتالي مستقبل الكون الأعظم .فإذا حدث بلوغ الكون لمرحلة التسطيح فقد يتعرض لإنفجار أعظم مرة ثانية ليبدأ ظهور كون جديد . وقد يكون علي شاكلة كوننا الحالي . لأن مباديء وقوانين الفيزياء واحدة لاتتغير ولاتتبدل لأنها خاضعة للقوانين العامة للكون الأعظم . وإذا كان الكون الأعظم كونا منتفخا فهذا معناه أنه كون كروي يتمدد إنتفاخيا في كل إتجاه فيه والأكوان بداخله بما فيها كوننا تتباعد المسافات في مداراتها وهي تدور من حوله ويتسع الفضاء فيه. و لو ظل الكون في تمدده وتسارعه . فهذا معناه أن هذا التمدد بمرور الزمن سيجعل المجرات بنجومها ومادتها المظلمة معزولة عن جيرانها . مما يجعل هذه المادة تتمدد وتصبح الثقوب السوداء أكثر إتساعا مما يقلل شدة جاذبيتها الذاتية ويحولها مع السدم إلي غبار داخل المجرة أو يجعل المجرة نفسها تنهار وتتبعثر نجومها لأن المادة المظلمة تعتبر داخل المجرة بمثابة حواشي تثبت النجوم في مكانها داخلها . وتصبح المجرة كالعهن المنفوش يتطاير منها غبار المادة السوداء التي تفقد شدة جاذبيتها وقد تصبح كتلا أو نجوما جديدة مضيئة . فتري بعدما كانت مخفية لأنها ستكون غير قادرة علي أسر الضوء كما كانت الثقوب السوداء التي سيقل مساحاتها داخل المجرة التي سيزيد تألقها ويزيد أعداد نجومها وتقل كثافتها . فلو تصورنا هذا في مجرة ما فإن هذا التصور يمكن أن ينطبق علي كوننا وعلي الكون الأعظم ذاته . لأن هذه النظرة التخيلية لما سيكون عليه الكون الأعظم لو كان كونا متمددا . لأن مباديء الفيزياء الكونية واحدة . لهذا يمكن أن يقال أن الكون الأعظم والأكوان توابعه بما فيها كوننا كلما إنتفخت كلما قلت كثافتها وزاد سطوع الأضواء بها.لأن الثقوب السوداء والمادة المظلمة ستقل بعد تفككها لغبار كوني . مما يحعل الفضاء مترقرقا . بينما نجد النجوم داخل مجرتنا تبرد وتتقلص علي ذاتها لإستنفاد طاقة الوقود النووي بها مما يزيد كثافتها وهذه النجوم المدمجة ستصبح ومضات داخل مجراتها . والثقوب السودا تنقبض داخل مجراتها .وهذه الزيادة الكثافاتية سوف تقلل سرعة المجرات. و الثقوب السوداء البينية بين المجرات لو تبخرت ستتحول إلي إشعاعات تذوب في محيط الفضاء . مصدر

كتاب منظومةالكون الأعظم :أحمد محمد عوف