علـم القانون

من كتب

القانون علم اجتماعي ، موضوعه الإنسان وسلوكه مع نظائره ، أعماله و ردود أفعاله ، وهذا موضوع ضخم ، متغير المضمون ، غير معروف على وجه التحديد ، ويصعب عرضه بدقة في اغلب الأحوال .

وهدفه حكم الجماعات الإنسانية ، حتى لا تترك العلاقات بين الناس ، عائلية او اقتصادية او سياسية ، فوضى ينظمها كل فرد وفق رغبته ومشيئته ، والا صدقت وتحققت مقولة الفيلسوف بسوت Bossuet :" حيث يملك الكل فعل ما يشاءون لا يملك احد فعل ما يشاء ، وحيث لا سيد ، فالكل سيد ، وحيث الكل سيد فالكل عبيد ." لذا كان لابد للمجتمع من نظام يحكم العلاقات بين الناس ويفرض الامان في المجتمع .

ويعتبر القانون فن أيضا ، ولكنه جد صعب ومعقد ، لذلك فكل تعريف من تعريفات القانون يجب ان يتصف بالمرونة وكل تعريف لابد ان من ان يحمل العديد من وجهات النظر ويرد على اي تعريف للقانون مهما كانت منطقيته استثناءات وفي هذا يختلف القانون عن العلوم الرياضية كالفيزياء والكيمياء

فهل يعتبر القانون علما ام فنا ؟؟ وبعبارة اخرى : هل النظام القانوني علم ام فن ؟؟

وقد واجه هذه الفكرة الجد رائعة المسيو جونيGeny في مولفه الشهير :

العلم بالصنعة ( Science et technique) او العلم بالصياغة أو الجوهر بالشكل .

وحسب التعريف الشائع يقصد بالعلم : النظام الذي يقوم فقط على المشاهدة ، وتقرير الواقع اي التجربة .

أمّا الفن فهو نظام يتكون في خلق الروح ، متخلصا على الاقل جزئيا من الملاحظة العلمية .

فالعلم يكشف عن المسلمات ( الجوهر او المادة الأولية ) donne أي ما هو كائن .

أما الفن فانه يترجم ما استوحاه الانسان من المثالية او التطلع نحو المثالية ( l'aspiration a un ideal)

ويلاحظ انه يوجد خلط بالضرورة بين العلم والفن ، بين المسلمات والصنعة ( الفن أو الصياغة) .

فالملاحظة العلمية المجردة ليست التقرير البسيط لواقعة ، فهي تعمل بالضرورة بمقارنتها بغيرها من الوقائع التي يجب اختيارها ، وينتهي الأمر الى كشف قوانين يجب تحديدها ، بمعنى انه في هذا الاختيار وهذا التحديد تتدخل الصنعة القانونية او الفن بالضرورة لتقرير الوقائع التي لوحظت او شوهدت .

فالعالم لا يكون عالما حقا إلا إذا كانت تقوده في بحثه فكرة او مثل أعلى . ولكن ليس معنى ذلك أن المقابلة بين العلم والفن غير موجودة .

فالوضعيون ، الماديون ، العلميون ، لا يعتقدون الا في الواقع ( ماهو كائن ) فالقانون بالنسبة اليهم هو العلم الذي يدرس المسلمات ، بمعنى ان النظام القانوني يقتصر على بحث القواعد التي حكمت وتحكم ما هو واقع أو كائن فعلا .. وهذا ما يسمى القانون الوجودي.

أما المثاليون ، فيؤكدون على العكس ، بان القانون هو فن ، فعند المثاليين : القاعدة القانونية تكون نتيجة الجهود الانسانية نحو المثل الأعلى للعدالة ، والذي يكمن فيه أساسه . فهو الفن او الصنعة ( البناء او الشكل construit )

و يعرف الفقهاء القانون بأنه مجموعة القواعد التي تنظم سلوك الأفراد داخل المجتمع ، و يفرض علي الناس أحترامها عن طريق السلطة العامة ، التي تتولي توقيع العقاب علي مخالفة هذه القواعد . و بناء علي هذا التعريف يتبين لنا أن : 1- القانون قاعدة سلوكية . 2- القانون مرتبط وجوده بوجود المجتمع . 3- القاعدة القانونية عامة و مجردة تطبق علي الجميع بلا تمييز . 4- القاعدة القانونية لها جزاء يفرض علي الناس أحترامها عن طريق السلطة العامة .

تقسيم الدراسة:

  • الباب الأول في فكرة عامة عن القانون .
  • الباب الثاني : مصادر القانون.
  • الباب الثالث: أقسام وفروع القانون الوضعي.
  • الهوامش
  • المراجع والمصادر