كثافة كونية
كل الجسيمات في الكون لها كتلة لو كانت في حالة السكون . فالبروتونات في حالة السكون لها كتلة موحدة لكل البروتونات كما أن الإلكترونات لها كتلة موحدة في حالة السكون وعدم التحرك. والبروتونات والإلكترونات إذا كان لكل منهم كتلة فإن جسيمات كالفوتونات وجسيمات الضوء كتلة كل منهما في حالة السكون تصبح صفرا والنيترينو في حالة سكونه تصبح كتلته متناهية جدا وتقترب من الصفر . وعندما كان الكون حدثا في صباه كان بسيطا وسلسا وبلا شكل . وكلما كان ينمو كان يتشكل وينتظم . فالنظام الشمسي تشكلت فيه الكواكب بما فيها أرضنا التي تدور حول الشمس. وفي تجمع ثان نجد المجرات تضم النجوم وكل مجرة حجمها 100مليون مرة أكبر من حجم منظومتنا الشمسية . وشمسنا بالمقارنة تعتبر نجما متوسطا داخل منظومة مجرة درب التبانة التي تضم 100 بليون نجم . وعلي نطاق أكبر نجد أن المجرات تتجمع في عناقيد . وهذه العناقيد تضم مجرات وأي مادة بالفضاء بينية . وما يحافظ علي هيئة هذه العناقيد والمجرات في أجوافها الجاذبية التي تجذب كل شيء في الكون . والفضاء بين هذه المجرات مليء بالغازات الساخنة وتبلغ درجة حرارتها 10 مليون درجة . وتشع أشعة (X )الساخنة بدلا من الضوء المرئي ويطلق علي الغاز غاز أشعة (X) الساخن . ولو درسنا توزيع هذا الغاز الساخن وحرارته سوف نقيس كم هو معتصر بفعل قوة الجاذبية التي تصدر عن كل المواد بالعنقود مما يتيح للعلماء تقدير كتلة المادة في أي جزء من الفضاء . لكن المادة الكلية في العناقيد المجراتية أكثر خمس مرات مما يتوقع فيما يري بالمجرات والغازات الساخنة . لأن معظم مادتهما لاتري رغم أنها تعتبر أكبر تكوين في الكون متماسك بفعل الجاذبية . وهذا ما جعل العلماء يقولون أن معظم مادة الكون مخفية ولاتري وأطلقوا علي هذه المادة المخفية المادة المظلمة (Dark matter). وللآن يحاول العلماء التعرف عليها لتقدير كتلتها ومعرفة مكوناتها وتأثيرها علي مستقبل الكون ككل . و كثافة الكون قدرها العلماء بما يرونه بالكون من مادة المجرات والنجوم والسدم وحجومها ولم يضعوا في الحسبان كتلة المادة المظلمة لتقدير الكثافة المطلقة للكون . لهذا عندما قدرعمره 15 بليون سنة ضوئية كان تقديرا خاطئا لأنه إعتمد علي السرعة العادية للمجرات وإنزياحها بالكون فقط .وقاسوا مسافات البعد الكوني المتصور والمنظور .لأن الوزن الحقيقي كما نتصوره للكون لم يقدر بعد . لأن ثقله الحقيقي لابد وأن يؤثر علي سرعته حسب مفهومنا لعجلة السرعة لنيوتن . فلاشك أن السرعة المطلقة للكون أقل لأن كتلته أثقل من كتلة المجرات المتباعدة . لهذا عندما يقدر عمر الكون الحقيقي لابد وأن يقدر من خلال السرعة المطلقة للكون ككل . لأن السرعة مسافة وزمن . و من خلال السرعة المطلقة لتمدد الكون ومعرفة حجم تمدده من خلال قياس أقطاره في كل إتجاه وتبيان متوسطها يمكن حساب العمر الحقيقي للكون. هذا تصور مبدئي لمن درس السرعة وقانون عجلة نيوتن . وهذا التصور يمكن تطبيقه لو كان الكون يتمدد بسرعة ثابتة لكن لوكان متسارعا في تمدده وخطاه فهذا يتطلب حساب متوسط سرعاته خلال أزمانه السحيقة والحالية وتطبيق قانون عجلة السرعة لنيوتن للوصول للزمن الحقيقي لعمر الكون .قد أكون مخطئا أو صائبا في تصوري لكن هذا هو المنطق كما تعلمناه في الرياضيات .لأن الكون كان في البدء عناصر خفيفة وسريعة الإنتشار بالفضاء ولما ظهرت العناصر الثقيلة قللت سرعة الإنتشار والتمدد وهذا متغير آخر تجاهله العلماء فقدروا سرعة تمدد الكون علي ماهو عليه حاليا مما يجعلهم لايستطيعون تقدير الزمن الحقيقي للكون لأنه تباطيء في هذا الزمن .فكتلة الكون الحالية تعادل كتلة الذرة الأولي التي نشأ منها بعد الإنفجار الكبير وهذه الكتلة مازالت مجهولة للعلماء ولو تعرفوا عليها لحددوا من خلالها العمر الحقيقي للكون وهذا منظور آخر . فلقد بينت التلسكوبات أن المادة المضيئة بالكون والتي تضم النجوم والمجرات المضيئة تعادل 10%من الكتلة التي تصل إلي الكثافة الحرجة به. وعلي هذا يعتبر علماء الفيزياء الكونية أن المادة المظلمة لابد وأن تضم باقي كتلته وتعادل 10% من الكمية المطلوبة للوصول إلي الكثافة الحرجة لو كان الكون علي حجمه حاليا.لأنه لو إنكمش فإن كثافته ستزيد وقد يبلغ هذه الكثافة الحرجة في مرحلة معينة من إنكماشه علي ذاته .وهناك شواهد تدل علي أن المادة المظلمة تؤثر علي معدل دوران المجرات وسلوك عناقيدها .لكن 90%المطلوبة لبلوغ معدل الكثافة الحرجة مازالت مفقودة ولم تقدر بعد المادة المظلمة لقد ظل العلماء سنين قضوها للتعرف علي هذه المادة المظلمة والخفية بالكون فلم يهتدوا إلي نعرفة كنهها أو قدر كتلتها . لكنهم تخيلوها واعتبروها نوعين هما مادة مظلمة باردة وتضم بقايا النجوم الميتة والكواكب والنجوم القزمية البنية . ومادة مظلمة ساخنة وتتكون من جسيمات سريعة الحركة ولا تدرك وتتدفق بالكون . وأطلق علي المادة المظلمة كلمة باردة لأنها حسب المقاييس الدون ذرية تعتبر بطيئة الحركة وأطلق عليها مظلمة لأنها لاتدرك أو تري بأكبر التلسكوبات . كما أطلق عليها مادة لأنها ليست طاقة . وهذه المادة تعتبر مادة مفقودة والتعرف عليها مازال من أهم المسائل في الفلك الحديث. . والسبب أن مانراه في الكون من نجوم ومجرات وكواكب وسحب غبارية يمثل 10%من الكتلة الكونية المفروض وجودها لشرح سلوك المجرات بل الكون ذاته . ولقد ظل العلماء يركزون علي نظرية المادة المظلمة الساخنة الساخنة وركزوا فيها علي نوعين من جسيمات النيترينو التي تنتج كمنتج ثانوي في التفاعلات النووية بالنجوم والجسيمات التي أطلقوا عليها الجسيمات الهائلة ضعيفة تبادل التفاعل (wimpS) وتعادل كتلتها 20%من كتلة المادة المفتقدة . وأهمية وجود المادة المظلمة أن الكون بدونها لن يكون به مادة كافية وقوة سحب جاذبي لكبح تمدده السريع مما يجعله يتمدد إلي مالانهاية . وسوف تبتعد المجرات عن بعضها البعض وتتباعد النجوم بداخلها عن بعضها البعض ليصبح الفضاء فارغا وباردا . ولو كان الكون به مادة مظلمة كافية فإنه سوف يسيطر علي التمدد بالتساوي فيه من خلال الجاذبية مما يجعل كل شيء فيه ينكمش وينسحب مما سيسفر عن الإنسحاق الكبير للكون في المستقبل البعيد . فلو كانت هذه المادة غير كافية فإن الكون سيتمدد وسيبطيء في تمدده لكنه سيصل لنقطة لاتسطيع الجاذبية سحبه لأنها غير كافية ولن ينطوي علي ذاته .